كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: مدار هذين القولين على معنى الذم في قوله: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ {، فإذا حمل على قوله: "أريد الذين خسروا أنفسهم" كان الأولى أن يجري على العموم، ليدخل هؤلاء فيه دخولاً أولياً. فحينئذٍ يتوجه عليه سؤال المصنف، ونطبق عليه جوابه.
وإذا حمل على "أنتم الذين خسروا أنفسهم" ليختص بالمخاطبين، كان المناسب ما ذهب إليه صاحب "الفرائد".
والذي يقتضيه النظم أن الآية كالتذييل لما سبق، وذلك أن الكلام من ابتداء السورة في حق المعاندين الممترين، ذكرهم آيات الآفاق والأنفس، ثم أنذرهم بإهلاك من هم أشد منهم تمكناً في الأرض، ثم وبخهم على قولهم في الكتاب: إنه {سِحْرٌ مُّبِينٌ {، وعلى اقتراحهم: {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ {، وأرشدهم إلى السير في الأرض للاعتبار، ومكنهم، وقررهم، وعرضهم لرحمة الله الواسعة، ثم بعد الإياس من إيمانهم أتى بقوله: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ {، أي: في علم الله {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {ذماً لهم، وتسليةً للرسول صلى الله عليه وسلم لئلا تذهب نفسه عليهم حسرات.
نحوه ما سبق في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ {[البقرة: 7] بقوله: {وسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {[القرة: 6]. ولهذا أوقع الفاصلة بين

الصفحة 35