كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
فانظر إلى إعظام الله تعالى أمر الرؤية في هذه الآية، وكيف أرجف الجبل بطالبيها وجعله دكاً، وكيف أصعقهم ولم يخل كليمه من نفيان ذلك؛ مبالغةً في إعظام الأمر، وكيف سبح ربه ملتجئاً إليه، وتاب من إجراء تلك الكلمة على لسانه، وقال: "أنا أول المؤمنين"، ثم تعجب من المتسمين بالإسلام المتسمين بأهل السنة والجماعة، كيف اتخذوا هذه العظيمة مذهباً، ولا يغرنك تسترهم بالبلكفة، فإنه من منصوبات أشياخهم، والقول ما قال بعض العدلية، فيهم:
لجماعة سموا هواهم سنّةً ... وجماعة حمر لعمري موكفه
قد شبّهوه بخلقه وتخوّفوا ... شنع الورى فتستّروا بالبلكفه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما دك الجبل فلأن الله أظهر له أثراً من الملكوت، ولا تستقر الدنيا لإظهار شيء من الملكوت. هذا هو المأثور عن السلف".
قوله: (من نفيان ذلك)، الجوهري: "نفي الريح: ما تنفي في أصول الشجر من التراب ونحوه. والنفيان مثله. ونفي المطر: ما ينفيه ويرشه، وكذلك ما تطاير من الرشاء على ظهر الماتح".
قوله: (من المتسمين بالإسلام) بتشديد التاء: من الاتسام، و"المتسمين" بتشديد الميم: من التسمي، مطاوع التسمية.
قوله: (بالبلكفة) نحو: البسلمة والحيعلة، أي: القائلين بأن الرؤية تحصل بلا كيف.
وفي بعض الحواشي: البلكفة: قول القائل: بل كفى في إمكان الرؤية تعليقها بشرطٍ ممكن، وهو استقرار الجبل من حيث هو هو.