كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهل اللغة"، ففاسد، وفشو هذا في اللغة، وكثرته واشتهاره أظهر وأوضح، وفي التنزيل ما لا يكاد ينحصر. منه قوله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ أَن تَاتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَاتِيَ رَبُّكَ) [الأنعام: 158] يدل عليه قوله: (أَوْ يَاتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) [النحل: 33]. وكذا: (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) [الحشر: 2]، (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ القَوَاعِدِ) [النحل: 26] يدل عليه قوله: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل: 1]. وقوله: (فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ) [هود: 63] يدل عليه قوله: (فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَاسِ اللَّهِ) [غافر: 29].
وما أرى هذا الذي قاله إلا تحاملاً، ودافعه في اللغة كدافع الضروريات.
وأما دفعه أن يسأل موسى أمراً عظيماً، فإن ذلك مما لا ينكر منه على ما آتاه الله من الآيات، لأنهم كانوا يقترحون عليه الآيات مع هذه الآيات التي أوتيها ويسألونه إياها. ألا ترى إلى قولهم: (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) [البقرة: 55] و (لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ واحِدٍ) [البقرة: 63]. فإذا جاز ذلك فلا وجه لإنكار أن موسى عليه السلام سأل أمراً عظيماً، لاقتراح القوم، ويكون سؤاله جائزاً، ليؤتى ما يجوز إيتاؤه، ويعرفوا ما لا يجوز إيتاؤه، فيعلموا امتناعه".
وقلت - والله أعلم -:
أما الجواب عن الأول: فإن الزجاج لا ينكر حذف المضاف، وإنما ينكر أن المضاف هو أمر عظيم لا يرى مثله في الدنيا مما لا يحتمله أحد. فالحق أن المقام يأباه، وذلك أنه بين