كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

كأني أنظر إليك، كما جاء في الحديث: «سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر»، بمعنى: ستعرفونه معرفة جليةً هي في الجلاء كإبصاركم القمر إذا امتلأ واستوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقام، وهو أنه: "لما سمع كلام الله، أحب أن يراه" كما نقلنا عن الحسن ومحيي السنة، وبينا أن ذلك هو اقتضاء المقام.
ولا شك أن مقام الأنبياء، ونزول تجليات الجمال، يأبي طلب الأمر العظيم الذي لا يحتمله أحد، ويؤدي إلى الوعيد العظيم والتهديد، لأن الآيات الوارد فيها الأمر من القوارع والزواجر.
وأما الجواب عن الثاني: فإن كلامه مبني على أن القوم كانوا معه في هذه المرة، وقد أبطلناه غير مرة.
قوله: (كما جاء في الحديث): اعلم أن المصنف أدمج تأويل الحديث في تأويل الآية، لئلا يتمسك به مخالفوه. والحديث من رواية البخاري ومسلم والترمذي، عن أبي هريرة: أن الناس قالوا: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "هل تمارون في الشمس، ليس دونها سحاب؟ " قالوا: لا. قال: "فإنكم ترونه كذلك".
وعن البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود، عن جرير بن عبد الله، قال: كنا عند رسول الله صلي الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة البدر، وقال: "سترون ربكم عياناً، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته".

الصفحة 567