كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
(قالَ لَنْ تَرانِي) أي: لن تُطيق معرفتي على هذه الطريقة، ولن تحتمل قوّتك تلك الآية المضطرة، (ولكن انظر إلى الجبل) فإني أورد عليه وأظهر له آيةً من تلك الآيات، فإن ثبت لتجليها واستقرّ مكانه ولم يتضعضع فسوف تثبت لها وتطبيقها، (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ): فلما ظهرت له آية من آيات قدرته وعظمته، (جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) لعظم ما رأى، (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ) مما اقترحت وتجاسرت، (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بعظمتك وجلالك، وأن شيئاً لا يقوم لبطشك وبأسك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن مسلم والترمذي، عن صهيب، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تبارك وتعالى: "تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى".
قال صاحب "الجامع": "إنها الغاية القصوى في نعيم الآخرة، بلغنا الله منها ما نرجوه".
ومن رد هذه الروايات الصريحة الصحيحة، أو أولها بمدركته الركيكة، فقد غطى عين الشمس بعينه الضعيفة.
وسمعت بعض العارفين قدس سره: "نحن - معاشر السنة - هممنا مصروفة لنيل هذه البغية السنية. والمعتزلة على العكس، يجتهدون في الدفع، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً) [الإسراء: 84].
قوله: (المضطرة): هي اسم فاعل، كقولهم: "المغتاب - فض الله فمه - يأكل لحم المغتاب، ويشرب دمه".