كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
[(قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)].
(إنِي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ): اخترتك على أهل زمانك وآثرتك عليهم، (بِرِسالاتِي) وهي أسفار التوراة، (وَبِكَلامِي): وبتكليمى إياك، (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ): ما أعطيتك من شرف النبوة والحكمة، (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) على النعمة في ذلك فهي من أجل النعم. وقيل: خَرَّ موسى صعقاً يوم عرفة، وأُعطي التوراة يوم النحر.
فإن قلت: كيف قيل: (اصطفيتك على الناس) وكان هرون مصطفى مثله ونبياً؟ قلت: أجل، ولكنه كان تابعاً له وردءاً ووزيراً، والكليم: هو موسى عليه السلام، والأصيل في حمل الرسالة.
[(وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَامُرْ قَوْمَكَ يَاخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ* سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ* وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهي أسفار التوراة): أي: مجلداتها. الأساس: "حملوا أسفار التوراة، وله سفر من الكتاب، وسفر الكتاب: كتبه، والكرام السفرة: الكتبة".
قوله: (فهي من أجل النعم): الفاء للتسبب، لأن قوله تعالى: (وكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) من باب المبالغة، أي: كن بليغ الشكر، أي: معدوداً في عداد الشاكرين، بأن تكون لك مساهمة كاملة فيهم، لأن النعمة، وهي شرف النبوة والحكمة، من أجل النعم.