كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

وعن مقاتل: كتب في الألواح: إني أنا الله الرحمن الرحيم، لا تشركوا بي شيئاً، ولا تقطعوا السبيل، ولا تحلفوا باسمي كاذبين؛ فإنّ من حلف باسمي كاذباً فلا أزكيه، ولا تقتلوا ولا تزنوا، ولا تعقوا الوالدين.
(فَخُذْها) فقلنا له: "خذها"، عطفاً على "كتبنا"،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها: أن في جعل (من) تبعيضاً إشعاراً بأن الموعظة مما يجب أن يرجع إليه في كل أمر، ويكر به في كل سورة، بل في كل آية؛ ألا ترى أن أكثر الفواصل التنزيلية وارد على هذا النمط، نحو: (أفلا تتقون)، (أفلا تذكرون)، (أفلا تعقلون) ونحوها. وإلى سورة "الرحمن" كيف أعيد فيها ذكر (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)، بعد كل إشارة، وذلك ليستأنف السامع به أذكاراً واتعاظاً، ويجدد به تنبيهاً واستيقاظاً، وأن تقرع لهم العصا مرات، وتقعقع لهم الشنان تارات.
ولما اشتمل الكلام على هذه المطالب عقبها بقوله: (فخذها بقوة)، أي: بصدق نية، وعزيمةٍ ماضية.
قوله: (فلا أزكيه) أي: فأنا لا أزكيه. كقوله تعالى: (فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا) [الجن: 13]، أي: فهو لا يخاف بخساً.
قوله: (فقلنا له: خذها) يعني: "فخذها"، على إضمار القول، فيكون عطفاً على "كتبنا".

الصفحة 572