كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

ويجوز أن يكون بدلاً من قوله: (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) [الأعراف: 144]، والضمير في (خُذْها) للألواح، أو لـ (كل شيء)، لأنه في معنى الأشياء، أو الرسالات، أو للتوراة. ومعنى (بِقُوَّةٍ): بجدّ وعزيمةٍ فعل أولي العزم من الرسل، (يَاخُذُوا بِأَحْسَنِها) أي: فيها ما هو حسنٌ وأحسن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يكون بدلاً من قوله: (فخذ ما أتيتك)). والعطف على "كتبنا" أجرى على سنن البلاغة، لما يلزم في البدل من التعاظل والتراكب وفك النظم، لأن قوله تعالى: (وكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ) مع ما عقب به من قوله: (فخذها بقوة) معطوف على قوله: (قَالَ يَا مُوسَى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ) مع ما عقب به وهو: (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ) على سبيل البيان والتفصيل، فلو جعل بدلاً، لدخل بين المعطوف والمعطوف عليه أجنبي.
والذي يدل على التفصيل بسط ما أجمل. قال أولاً: (إني اصطفيتك) ففصله بقوله: (وكتبنا له) على التعظيم. وقال: (بلاسالاتي وبكلامي) ففصله بقوله: (من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيءٍ). وقال: (فخذ ما أتيتك) ففصله بقوله: (فخذها بقوةٍ وأمر قومك). وقال: (وكن من الشاكرين) ففصله بقوله: (سأوريكم دار الفاسقين).
ويؤيده قول الزجاج: "قال الله تعالى: فخذ ما أعطيتك. ثم أعلم أنه أعطاه من كل شيء يحتاج إلى أمر الدين، فقال: (وكتبنا له في الألواح).
قوله: (فعل أولي العزم): نصب مفعول مطلق، أي: خذها أخذاً مثل أخذ أولي العزم من الرسل، مجدين صابرين ثابتين، لأنه إذا أخذها بضعف، أداه ذلك إلى الفتور.
قوله: (أي: فيها ما هو حسن وأحسن): اعلم أن كلام الله المجيد، بحسب كونه كلامه، كله حسن.

الصفحة 573