كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

(سَأورِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) يريد دار فرعون وقومه وهي مصر، كيف أقفرت منهم ودمّروا لفسقهم، لتعتبروا، فلا تفسقوا مثل فسقهم فينكل بكم مثل نكالهم. وقيل منازل عادٍ وثمود والقرون الذين أهلكهم الله لفسقهم في ممرّكم عليها في أسفاركم. وقيل: دار الفاسقين: نار جهنم. وقرأ الحسن: "سأوريكم"، وهي لغةٌ فاشيةٌ بالحجاز. يقال: أورني كذا، وأوريته. ووجهه أن تكون من: أوريت الزند، كأن المعنى: بينه لي وأنره لأستبينه، وقرئ: "سأورثكم"، وهي قراءةٌ حسنةٌ يصححها قوله: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ) [الأعراف: 137].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: "إنهم أمروا بالخير، ونهوا عن الشر، وعرفوا ما لهم وما عليهم، فقيل: (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) ".
قوله: (لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم): إشارة إلى أن قوله: (سأوريكم دار الفاسقين) توكيد لأمر بالأخذ بأحسن ما في التوراة، وبعث عليه.
وفي وضع الإراءة موضع الاعتبار إقامة للسبب مقام المسبب أيضاً مبالغة، كقوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ) [النمل: 69].

الصفحة 575