كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

وفيه إنذارٌ للمخاطبين من عاقبة الذين يصرفون عن الآيات لتكبرهم وكفرهم بها، لئلا يكونوا مثلهم، فيسلك بهم سبيلهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيكون متصلاً بما سبق من قصتهم، وهي: (أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ونَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) [الأعراف: 100]، فيكون إيراد قصة موسى وفرعون للاعتبار كما قال: "وإن اجتهدوا كما اجتهد فرعون"، فقوله: (وإن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُوا) الآية عطف على قوله: (يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ).
وعلى الأول الآية عامة، وعطف (وإن يروا) على (سأصرف) للتعليل، على منوال قوله: (ولَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وسُلَيْمَانَ عِلْمًا وقَالا الحَمْدُ لِلَّهِ) [النمل: 15] على رأي صاحب "المفتاح"، ولذلك جاء بالفاء في "فلا يفكرون فيها"، أي: سأصرف عن آياتي الغافلين المشتغلين بالدنيا، فلذلك لا يتفكرون في الآيات، ولا يعتبرون بها، ويجوز على هذا، أن يكون متصلاً بقوله: (وامُرْ قَوْمَكَ يَاخُذُوا بِأَحْسَنِهَا)، أي: الأمر كذلك، وأما الإرادة فإني سأصرف عن الأخذ بآياتي أهل الطبع والشقاوة.
قال الإمام: "واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن الله قد يمنع عن الإيمان، ويصد عنه".
وفي "الوسيط": "سأصرفهم عن قبول آياتي، والتصديق بها، لعنادهم الحق".

الصفحة 577