كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
(بِغَيْرِ الْحَقِّ) فيه وجهان: أن يكون حالاً، بمعنى: يتكبرون غير محقين، لأنّ التكبر بالحق لله وحده، وأن يكون صلةً لفعل التكبر، أي: يتكبرون بما ليس بحق وما هم عليه من دينهم، (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) من الآيات المنزلة عليهم (لا يُؤْمِنُوا بِها)، وقرأ مالك بن دينار: "وإن يروا" بضم الياء. وقرئ: (سبيل الرشد) و"الرشد" و"الرشاد"، كقولهم: السقم والسقم والسقام. وما أسفه من ركب المفازة، فإن رأى طريقاً مستقيماً أعرض عنه وتركه، وإن رأى معتسفاً مُردياً أخذ فيه وسلكه، ففاعل نحو ذلك في دينه أسفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (لأن التكبر بالحق لله تعالى): المعنى مقتبس من قوله صلوات الله عليه: "قال الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري. فمن نازعني في واحدٍ منهما قذفته في النار". أخرجه أبو داود عن أبي هريرة، وقريب منه أخرجه مسلم عن أبي سعيد.
قال الزجاج: "معنى (يتكبرون): يرون أنهم أفضل الخلق، وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم، وهذه الصفة لا تكون إلا لله تعالى خاصة، لأن الله له القدرة والفضل على الكمال، وليس لأحدٍ أن يتكبر، لأن الناس في الحقوق سواء".
قوله: (وما هم عليه من دينهم) عطف تفسيري على قوله: "ما ليس بحق"، فعلى هذا: (يتكبرون) بمعنى: يتعززون، أي: يتعززون بالباطل، وبما يؤديهم إلى الذل والهوان، ولا يرفعون للحق رأساً. فقوله: (وإن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُوا بِهَا) مع ما عطف عليه مناسب بهذا الوجه.
قوله: (وقرئ: (سبيل الرشد) و"الرشد": حمزة والكسائي: بفتحتين، والباقون: بضم الراء وإسكان الشين، و"الرشاد": شاذ