كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
فإن قلت: لم قيل: واتخذ قوم موسى عجلاً، والمتخذ هو السامري؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما: أن ينسب الفعل إليهم، لأن رجلاً منهم باشره ووجد فيما بين ظهرانيهم، كما يقال: بنو تميمٍ قالوا كذا وفعلوا كذا، والقائل والفاعل واحد، ولأنهم كانوا مريدين لاتخاذه راضين به، فكأنهم أجمعوا عليه.
والثاني: أن يراد: واتخذوه إلهاً وعبدوه. وقرئ: (مِنْ حُلِيِّهِمْ) بضم الحاء والتشديد، جمع حلي، كثدي وثديّ، "ومن حليهم" بالكسر للإتباع كدلي، و"من حليهم" على التوحيد. والحلي: اسم لما يتحسن به من الذهب والفضة.
فإن قلت: لم قال: (من حليهم)، ولم يكن الحليّ لهم، إنما كانت عواري في أيديهم؟ قلت: الإضافة تكون بأدنى ملابسة، ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي إفراد الضمير في (بعده) الدلالة على أن موسى عليه السلام فارق القوم إلى الطور وحده، ولم يصحب معه أولئك السبعين، الذين طلبوا الرؤية كما زعم.
قوله: (فيما بين ظهرانيهم)، الجوهري: "يقال: هو نازل بين ظهريهم وظهرانيهم، بفتح النون".
النهاية: "وفي الحديث: "فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم"، أي: أنهم أقاموا بينهم، على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم.
وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة، تأكيداً، وقد مر في "البقرة" أبسط منه.
قوله: (وقرئ: (من حليهم) بالضم والكسر): حمزة والكسائي: بالكسر، والباقون: بالضم.