كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

وهو الذي هدى الخلق إلى سبل الحق ومناهجه بما ركز في العقول من الأدلة، وبما أنزل في كتبه.
ثم ابتدأ فقالك (اتَّخَذُوهُ) أي: أقدموا على ما أقدموا عليه من الأمر المُنكر، (وَكَانُوا ظَالِمِينَ): واضعين كل شيءٍ في غير موضعه، فلم يكن اتخاذ العجل بدعاً منهم، ولا أول مناكيرهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جعله تعريضاً بالله تعالى وبكلامه مع موسى عليه السلام وبهدايته لقومه، لأن المقام يقتضيه، كان أحسن.
قوله: (ثم ابتدأ فقال: (اتخذوه)): عطف على مقدر، يعني: ذكر الله تعالى ظلم القوم، وإيثارهم ما لا يكلمهم ولا يهديهم، على من لو كان البحر مداداً لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد كلماته، ومن هدى الخلق إلى سبيل الحق، ثم أراد أن يوصل به قوله: (وكانوا ظالمين) تذييلاً وتوكيداً لوضع الشيء في غير موضعه ابتداء، فقال: (اتخذوه)، وعلق به التذييل مزيداً للتبجيل. فقوله تعالى: (اتخذوه) كنايةً عن المذكور السابق، ولهذا قال: "أقدموا على ما أقدموا عليه".
وقوله: (فلم يكن اتخاذ العجل بدعاً منهم، ولا أول مناكيرهم) تقدير لمعنى التذييل.

الصفحة 582