كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
وقال الزجاج: معناه: سقط الندم في أيديهم، أي: في قلوبهم وأنفسهم، كما يقال: حصل في يده مكروه، وإن كان محالاً أن يكون في اليد، تشبيهاً لما يحصل في القلب وفي النفس، بما يحصل في اليد ويُرى بالعين، (ورأوا أنهم قد ضلوا): وتبينوا ضلالهم تبيناً كأنهم أبصروه بعيونهم. وقرئ: "لئن لم ترحمنا ربنا وتغفر لنا" بالتاء، و"ربنا" بالنصب على النداء، وهذا كلامُ التائبين، كما قال آدم وحواء عليهما السلام: (وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا) [الأعراف: 23].
[(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَاسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "لئن لم ترحمنا ربنا"): حمزة والكسائي: بالتاء على الخطاب، ونصب الباء، والباقون: بالياء على الغيبة، ورفع الباء.
قوله: (وهذا كلام التائبين) لأن في ذكر الرب وتخصيص الرحمة والغفران الاستعطاف، وفي ذكر الخسران الهضم، ونحوه قول القائل:
إلهي، عبدك العاصي أتاكا ... مقراً بالذنوب وقد دعاكا