كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
وروي أنّ السامري قال لهم- حين أخرج لهم العجل وقال: (هذا إلهكم وإله موسى) [طه: 88]-: إن موسى لن يرجع، وإنه قد مات.
وروي: أنهم عدّوا عشرين يوما بلياليها فجعلوها أربعين، ثم أحدثوا ما أحدثوا.
(وَأَلْقَى الْأَلْواحَ): وطرحها لما لحقه من فرط الدهش وشدّة الضجر عند استماعه حديث العجل، غضباً لله وحمية لدينه، وكان في نفسه حديداً شديد الغضب، وكان هارون ألين منه جانباً ولذلك كان أحبَّ إلى بني إسرائيل من موسى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام: (أعجلتم أمر ربكم) أي: ميعاد ربكم، فلم تصبروا له. وعن الحسن: وعد ربكم الذي وعده من الأربعين. وقال عطاء: أعجلتم سخط ربكم؟ .
وهو المراد من قوله: "وهو انتظار موسى حافظين لعهده".
ويجوز أن يراد به: واحد الأوامر، أي: سبقتم ما أمر الله تعالى من انتظاري المدة المضروبة، يعني قول الله تعالى: انتظروا موسى أربعين يوماً حافظين لما وصاكم به، فقوله: "حافظين"، حال من فاعل المصدر المضاف إلى المفعول، وقيل: هو حال من فاعل "أعجلتم"، وليس بشيء.
قوله: (وروي أنهم عدوا عشرين يوماً): روى الإمام عن الحسن: "وعد ربكم الذي وعدكم من الأربعين".
وقلت: هذا الميعاد غير ميعاد الله تعالى لموسى عليه السلام في قوله تعالى: (ووَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) [الأعراف: 142]، لقرب ميعاد موسى قبل مضية إلى الطور، لقوله تعالى: (فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) [الأعراف: 142]. وميعاد القوم عند مضية لقوله تعلى: (بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ).