كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

لما اعتذر إليه أخوه وذكر له شماتة الأعداء (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي)؛ ليرضي أخاه، ويظهر لأهل الشماتة رضاه عنه، فلا تتم لهم شماتتهم، واستغفر لنفسه مما فرط منه إلى أخيه، ولأخيه أن عسى فرط في حسن الخلافة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (واستغفر لنفسه .... ولأخيه إن عسى فرط في حسن الخلافة)، في التركيب إشكال، وهو أن "عسى" تقتضي أن يؤتى لها إما باسمٍ وخبر، وشرط الخبر أن يكون "أن" مع الفعل المضارع. وربما يستعمل بغير "أن" تشبيهاً لها بـ"كاد"، نحو قوله:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
وقد يجئ خبرها اسماً منصوباً، للرجوع إلى أصله المتروك، نحو قولها: "عسى الغوير أبؤساً". وإما بـ"إن" والفعل خاصة، فيستغنى بذلك عن اسمٍ قبلها، نحو: "عسى أن يخرج زيد"، وهي في هذا التركيب غير واقعة على إحدى هذه الصور. فما وجهه؟ فيقال: لا شك أن أفعال المقاربة، وأفعال القلوب، والأفعال الناقصة، تشترك في معنى كونها من دواخل المبتدأ والخبر.

الصفحة 591