كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"دان نفسه": حاسبها في الدنيا قبل أن تحاسب يوم القيامة.
فكيف والسين في (سيغفر) تدل على القطع في وقوع الخبر عن المستقبل؟ وأهل السنة لا يقطعون في شيءٍ من أمورهم، لا في الغفران إن تابوا، ولا في الثواب إن عملوا، وأنتم توجبون على الله الغفران إذا حصلت التوبة، وتقطعون بحصول الثواب على العمل؟ فمذهبكم في هذه الصورة مثل مذهبهم.
وأيضاً: قوله: "معنى أخذ الميثاق: هو أن في التوراة: من ارتكب ذنباً عظيماً، فإنه لا يغفر إلا بالتوبة". وقوله: "وفيه أن إثبات المغفرة بغير توبةٍ خروج عن ميثاق الكتاب"، وما أدري: أهو منقول من نص التوراة أو مستنبط من معنى الآية؟ أما الآية فدالة على التوبيخ على أخذ الرشا، وتغيير أوضاع الشريعة، ونسبة خلافها إلى الله تعالى، كما فعلوا بصفة النبي صلوات الله عليه، وبآية الرجم، وتسويف النفس بالأباطيل و "يا ليت" على المغفرة مع عدم التوبة.
ثم إن هذا النقل، إن لم يصح، فهو تقول على الله تعالى بما ليس بحق، وهو عين فعل اليهود، وإن صح، فلم لا يجوز أن يراد به الشرك، لقوله تعالى: (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]، وقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) [النساء: 48] أو يكون منسوخاً بالنصوص القاطعة من الآيات والسنة بالنسبة إلينا، وثانياً بالنسبة إليكم، فيكون مذهبكم عين مذهبهم؟ عفا الله عنه.
وأما قضية النظم: فهي أنه تعالى لما حكي عن بني إسرائيل أنهم كانوا قبل مبعث النبي صلي الله عليه وسلم أمماً: منهم الصالحون، ومنهم الكفرة والفسقة، ذكر أنهم، بعد مبعثه صلوات الله عليه أيضاً، داموا على ما كانوا: فرقة منهم ما تمسكوا بمقتضي التوراة، مع أنهم كانوا يقرؤونها، ويدرسون

الصفحة 639