كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت، وما توفيقي إلا بالله: نبين أولاً أن الأحاديث الثلاثة كلها معتمدة متوافقة متعاضدة، ثم نشرع في المقصود:
أما الحديث الأول: فقد سبق أنه اتفق على روايته الإمامان: مالك، وأحمد، والشيخان: أبو داود، والترمذي، ورواه محيي السنة في "شرح السنة" و"المصابيح"، وفيه: "فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون. ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذريةً فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون" إلى آخر الحديث.
هذا السياق لا يدع لذي لب ريباً في أن المراد بالاستخراج: استخراج الذراري كلها إلى انقراض العالم، وإلا فأي معنى لقوله: ففيم العمل؟ ، وقوله صلوات الله عليه: "إن الله تعالى خلق العبد للجنة"، وقوله: "خلق العبد للنار"؟
وروى محيي السنة في "معالم التنزيل"، عن مقاتل وغيره: وفي آخره: "ثم أعادهم جميعاً في صلبه، فأهل القبور محبوسون، حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال، وأرحام النساء".
فإذن لا معنى لقولهم: اقتصر في الحديث على ذكر آدم دون الذرية، لأنه هو الأصل، فاكتفى بذكر الأصل عن الفرع.
وأما الحديث الثاني: فتمامه على ما أورده صاحب "جامع الأصول" عن الترمذي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لما خلق الله آدم، مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمةٍ هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً

الصفحة 655