كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المصنف في قوله تعالى: (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء: 165]: "الرسل منبهون عن الغفلة، وباعثون على النظر".
وقال محيي السنة: "فإن قيل: كيف تلزم الحجة واحداً لا يذكر ذلك الميثاق؟ قيل: قد أوضح الله الدلائل على وحدانيته، وصدق رسله فيما أخبروا، فمن أنكره كان معانداً ناقضاً للعهد، ولزمته الحجة، وبنسيانهم، وعدم حفظهم لا يسقط الاحتجاج بعد إخبار المخبر الصادق".
وأما الجواب عن قولهم: "فلهم أن يقولوا: أيدنا يوم الإقرار بتوفيق وعصمة، وحرمناهما من بعد"، فهو أن يقال: إن هذا مشترك الإلزام، لأنه إذا قيل لهم: ألم نمنحكم العقول والبصائر؟ فلهم أن يقولوا: فإذا حرمنا اللطف والتوفيق، فأي منفعةٍ لنا في العقل والبصيرة؟ ولنختم الكلام بما ورد عن أرباب الكشف، وأصحاب العرفان.
روى الشيخ العارف أبو عبد الرحمن السلمي في "الحقائق" عن بنان أنه قال: "انتخبهم للولاية، واستخلصهم للكرامة، وجعل لهم فتوحاً في غوامض غيوب الملكوت، أوجدهم لديه في كون الأزل، ثم دعاهم فأجابوا سراعاً، وعرفهم نفسه حين لم يكونوا في صورة الإنسية، ثم أخرجهم بمشيئته خلقاً، وأودعهم في صلب آدم، فقال: (وإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الأعراف: 172]، فأخبر أنه خاطبهم وهم غير موجودين إلا بوجوده لهم، إذ كانوا واجدين للحق في غير وجودهم لأنفسهم، وكان الحق بالحق في ذلك موجوداً".

الصفحة 659