كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

فإن قلت: كيف علق رفعه بمشيئة الله تعالى ولم يعلق بفعله الذي يستحق به الرفع؟ قلت: المعنى: ولو لزم العمل بالآيات ولم ينسلخ منها لرفعناه بها؛ وذلك أن مشيئة الله تعالى رفعه تابعةٌ للزومه الآيات فذكرت المشيئة. والمراد: ما هي تابعةٌ له ومسببةٌ عنه، كأنه قيل: ولو لزمها لرفعناه بها. ألا ترى إلى قوله: (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ)، فاستدرك المشيئة بإخلاده الذي هو فعله، فوجب أن يكون (وَلَوْ شِئْنا) في معنى ما هو فعله، ولو كان الكلام على ظاهره لوجب أن يقال: ولو شئنا لرفعناه ولكنا لم نشأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجوهري: "السفالة، بضم السين: نقيض العلو، وبالفتح: النذالة".
الأساس: "ومن المجاز: سفلت منزلته عند الأمير. وقد سفل في النسب والعلم".
قوله: (مال إلى الدنيا ورغب فيها) مقابل لقوله: "رفعناه إلى منازل الأبرار"، لأن الدنيا ليست بمنازلهم، لقوله: "فاعبروها، ولا تعمروها".
وأما قوله: (مال إلى السفالة) فبالنظر إلى لفظ "رفعنا".
قوله: (ألا ترى إلى قوله تعالى: (ولَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلَى الأَرْضِ)، فاستدرك المشيئة بإخلاده الذي هو فعله، فوجب أن يكون (ولو شئنا) في معنى ما هو فعله)، قال القاضي: "إنما علق رفعه بمشيئة الله، ثم استدرك عنه بفعل العبد، تنبيهاً على أن المشيئة سبب لفعله الموجب لرفعه، وأن عدمه دليل عدمها دلالة انتفاء المسبب على انتفاء سببه، وأن السبب الحقيقي هو المشيئة، وأن ما نشاهده من الأسباب وسائط معتبرة في حصول السبب، من حيث إن المشيئة تعلقت به.

الصفحة 664