كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الكلب منقطع الفؤاد، يلهث إن حمل عليه أو لم يجمل عليه. وقيل: معناه: إن وعظته فهو ضالّ، وإن لم تعظه فهو ضالّ، كالكلب إن طردته فسعى لهث، وإن تركته على حاله لهث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: معناه: إن وعظته فهو ضال) عطف على قوله: "فصفته التي هي مثل في الخسة". والتمثيل الأول: مركب عقلي، لأنه اعتبر من المجموع الضعة والخسة: شبه بلعام من حيث إنه مال من المرتبة العالية، ومنازل الأبرار من العلماء، إلى أسفل السافلين، والميل إلى الدنيا وحطامها، بالكلب في الحالتين معاً. والوجه: هو الزبدة والخلاصة من الضعة والخسة. وإليه أشار بقوله: "لأن تمثيله بالكلب في أخس أحواله وأذلها في معنى ذلك" أي: حططناه أبلغ حط.
وعلى الثاني: مركب وهمي، لأنه توهم في الوجه متعدداً، وهو عدم تغيير حال الضعة في حالتي الإغراء والترك. وهو المراد من قوله: "إن وعظته فهو ضال، وإن لم تعظه فهو ضال".
وعلى الثالث - وهو قوله: "وقيل: لما دعا بلعم على موسى" إلى آخره -: التشبيه مفرد حسي. وقوله: (إن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) جملة استئنافية مبنية لحال تشبيه بلعام بالكلب. ولهذا قال: "وجعل يلهث كما يلهث الكلب".
والدليل على أن هذا التشبيه مفرد، والأول والثاني مركبان: سؤاله بقوله: "ما محل الجملة الشرطية؟ " بعد تمام التشبيهين. وجوابه: "النصب على الحال"، ليدخل حينئذٍ في حيز التشبيهين، لإرادة التركيب فيهما.

الصفحة 667