كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

فإن قلت: ما محل الجملة الشرطية؟ قلت: النصب على الحال، كأنه قيل: كمثل الكلب ذليلاً دائم الذلة لاهثاً في الحالتين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (النصب على الحال، كأنه قيل: كمثل الكلب ذليلاً دائم الذلة): قال صاحب "الضوء": "الشرطية لا تكاد تقع بتمامها موقع الحال، ولو أريد ذلك لجعلت خبراً عن ضمير ما أريد الحال عنه، نحو: "جاءني زيد وهو إن يسأل يعط". فالحال إذن جملة اسمية، والسر فيه أن الشرطية، لتصدرها بما يقتضي الصدرية، لا تكاد ترتبط بما قبلها، إلا أن يكون هناك فضل قوة. نعم، إنما يجوز إذا أخرجت عن حقيقة الشرط، ثم هي لم تخل من إن عطف عليها ما يناقضها أو لم يعطف. والأول: حذف الواو فيه مستمر، نحو: آتيك إن تأتني أو لم تأتني؛ لأن النقيضين في مثل هذا الموضع لا يبقيان على معنى الشرط، بل يتحولان إلى معنى التسوية، كالاستفهامين المتناقضين في قوله تعالى: (وسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ) [البقرة: 6]. وأما الثاني: فلابد فيه من الواو، نحو: آتيك وإن لم تأتني، ولو ترك الواو لالتبس بالشرط حقيقة".
قلت: وإنما ترك الواو في التنزيل، لأنه من باب: آتيك إن تأتني أو لم تأني، لأن المراد: إن حمل عليه أو لم يحمل عليه.
وأما قوله قبل هذا: "سواء حمل عليه - أي: شد عليه وهيج فطرد - أو ترك غير متعرض له" فهو كما قاله صاحب "الضوء": "إن النقيضين في هذا المقام لا يبقيان على معنى الشرط، بل يتحولان إلى معنى التسوية".

الصفحة 668