كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجاهها، والركون إلى لذاتها وشهواتها، ومن متابعة النفس الأمارة وإرخاء زمامها في مرامها!
وكتب شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين أبو حفص السهروردي، إلى الإمام العلامة فخر الدين الرازي تغمدهما الله برضوانه: "من تعين في الزمان لنشر العلم، عظمت نعمة الله لديه، ينبغي للمتيقظين الحذاق من أرباب الديانات، أن يمدوه بالدعاء الصالح، ليصفي الله تعالى مورد علمه بحقائق التقوى، ومصدره من شوائب الهوى، إذ قطره من الهوى تكدر بحراً من العلم، ونوازع الهوى المركون في النفوس المستصحبة إياه، من محتدها، من العالم السفلي، إذا شابت العلم حطته من أوجه. وإذا صفت مصادر العلم وموارده من الهوى، أمدته كلمات الله التي ينفد البحر دون نفادها، ويبقي العلم على كمال قوته، وهذه رتبة الراسخين في العلم، لا المترسمين به، وهم وراث الأنبياء: كر عملهم على علمهم، وكر علمهم على عملهم، وتناوب العلم والعمل فيهم، حتى صفت أعمالهم، ولطفت، فصارت مسامراتٍ سرية، ومحاوراتٍ روحية، وتشكلت الأعمال بالعلوم، لمكان لطافتها، وتشكلت العلوم بالأعمال، لقوة فعلها، وسراتها إلى الاستعدادات.
وفي إتباع الهوى إخلاد إلى الأرض، قال الله تعالى: (ولَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ولَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلَى الأَرْضِ واتَّبَعَ هَوَاهُ)، فتطهير نور الفكرة عن رذائل التخيلات، والارتهان بالموهومات، التي اشتركت العقول الصغار المداهنة للنفوس القاصرة، وهو من شأن البالغين من الرجال، فتصحب نفوسهم الطاهرة الملأ الأعلى، فتسرح في ميادين القدس، والنزاهة؛ النزاهة من محبة حطام الدنيا، والفرار؛ الفرار من استحلاء نظر الخلق وعقائدهم، فتلك مصارع الأدوان. فطالب الرفيق الأعلى مكلم محدث، والتعريفات الإلهية واردة عليه، لمكان علمه بصورة.

الصفحة 670