كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

[(ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ)].
(ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ) أي: مثل القوم، أو ساء أصحاب مثل القوم. وقرأ الجحدري: "ساء مثل القوم". (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) إما أن يكون معطوفاً على (كذبوا)، فيدخل في حيز الصلة بمعنى: الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم، وإما أن يكون كلاماً منقطعاً عن الصلة، بمعنى: وما ظلموا إلا أنفسهم بالتكذيب، وتقديم المفعول به للاختصاص، كأنه قيل: وخصوا أنفسهم بالظلم لم يتعدّها إلى غيرها.
[(مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)].
(فَهُوَ الْمُهْتَدِي) حملٌ على اللفظ، و (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) حملٌ على المعنى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الابتلاء، واستئصال شأفة الابتلاء بصدق الالتجاء، وكثرة ولوجه في حريم القرب الإلهي، وانغماسة مع الأنفاس في بحار عين اليقين، وغسله كشف دلائل البرهان بنور العيان، والبرهان للأفكار، والعيان للأبرار" إلى آخره، والله أعلم.
قوله: (أي: مثل القوم، أو ساء أصحاب مثل القوم) يريد: أنه لابد أن يكون المخصوص بالذم مطابقاً للفاعل، والفاعل هاهنا مضمر مميز بـ (مثلا)، و (القوم) لا يطابقه، فيقدر المضاف إما قبل (القوم) وإما قبل (مثلاً) ليطابقه.
قوله: (وإما أن يكون كلاماً منقطعاً عن الصلة) وعلى هذا الكلام تذييل وتأكيد لمضمون الجملة.
قوله: ((فهو المهتدي) حمل على اللفظ، و (فأولئك هم الخاسرون) حمل على المعنى):

الصفحة 671