كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضي: "في هذا تنبيه على أن المهتدين كواحد، لاتحاد طريقهم، بخلاف الضالين. والاقتصار في الإخبار عمن هداه الله بـ (المهتدى) تعظيم لشأن الاهتداء، وتنبيه على أنه في نفسه كمال جسيم، ونفع عظيم، لو لم يحصل له غيره لكفاه، وأنه المستلزم للفوز بالنعم الآجلة".
وقال: "الآية تصريح بأن الهدى والضلالة من الله، وأن هداية الله تختص ببعضٍ دون بعض، وأنها مستلزمة للاهتداء".
وقلت: الآية تذييل للتمثيلين وتأكيد، لأن المشيئة هي السبب في فعل العبد من الاهتداء والضلال، وأن لزوم "بلعام" الآيات تابع لمشيئة الله، وأن الكلام فيه مجرى على ظاهره.
والآية التالية المصدرة بالقسمية تذييل لقصة الفرقة الضالة بعد عد قبائحهم، وتسجيل بأنهم لا يؤمنون، تسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم ليعرض عنهم، ويقبل إلى من يجدي به الإنذار وينجع فيه الوعظ. يدل عليه قوله تعالى: (وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ) [الأعراف: 180]، وقوله: (ومِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ) [الأعراف: 181]، أي: دع هؤلاء الذين يحرفون كلام الله، ويميلون بأسمائه الحسنى إلى التأويل الزائغ، واشتغل بأمتك الذين يتمسكون بكتاب الله، ولا يلحدون في أسمائه الحسنى، ولا يتبعون ما تشابه منها. يدل عليه ما رواه المصنف: "هذه لكم، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها".
ويدل على أن هذا الكلام تذييل لقصة اليهود: قوله: "والمراد: وصف حال اليهود في عظم ما أقدموا عليه، وأنهم من جملة الكثيرين الذين لا يكاد الإيمان يتأتى منهم".

الصفحة 672