كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

(أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ) في عدم الفقه والنظر للاعتبار والاستماع للتدبر، (بَلْ هُمْ أَضَلُّ) من الأنعام عن الفقه والاعتبار والتدبر، (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ): الكاملون في الغفلة، وقيل: الأنعام تبصر منافعها ومضارّها، فتلزم بعض ما تبصره، وهؤلاء أكثرهم يعلم أنه معاند فيقدم على النار.
[(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)].
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) التي هي أحسن الأسماء، لأنها ندل على معانٍ حسنةٍ من تمجيدٍ وتقديسٍ وغير ذلك، (فَادْعُوهُ بِها): فسموه بتلك الأسماء، (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاهنا بإعادة اسم من استؤنف عنه الحديث، كأنه تعالى لما أقسم بقوله: (ولَقَدْ ذَرَانَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الجِنِّ والإنسِ)، قيل: فما يكون لهم حينئذ؟ فقيل: (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا)، وكيت وكيت.
وأما فائدة القسمية: فللتنبيه على قلع شبهة من عسى أن يتصدى لتأويل الآية، ويحرف النص القاطع، ويقول: "ومعنى (ولقد ذرأنا لجهنم): وجعلهم لإغراقهم في الكفر، وشدة شكمائمهم، وأنه لا يتأتى منهم إلا أفعال أهل النار، مخلوقين للنار".
ومما يؤاخيه ما روى المصنف: "أن أعرابياً، لما سمع قوله تعالى: (وفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ومَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ والأَرْضِ إنَّهُ لَحَقٌّ) [22 - 23]، قال: من الذي أغضب الجليل، حتى حلف؟ كأنهم لم يصدقوه بقوله حتى ألجؤوه إلى اليمن".
قال الإمام: "هذه الآية حجة لصحة مذهبنا في مسألة خلق الأعمال، وإرادة

الصفحة 675