كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

واتركوا تسمية الذين يميلون عن الحق والصواب فيها فيسمونه بغير الأسماء الحسنى، وذلك أن يسموه بما لا يجوز عليه، كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم: يا أبا المكارم، يا أبيض الوجه، يا نخىّ! أو أن يأبوا تسميته ببعض أسمائه الحسنى، نحو أن يقولوا: يا الله، ولا يقولوا: يا رحمن، وقد قال الله تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء: 110]. ويجوز أن يراد: ولله الأوصاف الحسنى، وهي الوصف بالعدل والخير والإحسان وانتفاء شبه الخلق فصفوه بها، وذروا الذين يلحدون في أوصافه، فيصفونه بمشيئة القبائح وخلق الفحشاء والمنكر، وبما يدخل في التشبيه، كالرؤية ونحوها، وقيل: إلحادهم في أسمائه: تسميتهم الأصنام آلهةً، واشتقاقهم "اللات" من "الله"، و"العزى" من "العزيز".
[(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكائنات، لأنه تعالى صرح بأنه خلق كثيراً من الجن والإنس لجهنم، ولا مزيد على بيان الله عز وجل".
قوله: (يا نخي! ) بالنون والخاء المعجمة، أي: يا متكبر. الأساس: "وقد ينخى فلان، وهو منخو مزهو. وانتخى من كذا: استنكف منه، والعرب تنتخي من الدنايا، ورجل ذو نخوة".
قوله: (ويجوز أن يراد: ولله الأوصاف الحسنى)، معطوف على قوله: "التي هي أحسن الأسماء" لأنها تدل على معانٍ حسنة. ويتغير بحسب التفسيرين معنى قوله تعالى: (يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ): فعلى الأول: الإلحاد في التسمية أن يقال: أبو المكارم ونحوه، أو أن يخص بالله دون الرحمن. وعلى الثاني: الإلحاد في الوصف، وهو ما ذكره من المعاني التي دلت على مذهبه تحكماً.

الصفحة 676