كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

لما قال: (وَلَقَدْ ذَرَأنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً) [الأعراف: 179]، فأخبر أنّ كثيراً من الثقلين عاملون بأعمال أهل النار، أتبعه قوله: (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَادْعُوهُ بِهَا وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ). وقوله صلي الله عليه وسلم: "إن الله تسعةً وتسعين اسماً، مئةً إلا واحداً". وقول الآئمة: يقال: يا رحيم، لا: يا رفيق، ويقال: يا قوي، لا: يا جليد. ولا يقال: يا معلم، يا محب.
مثاله حديث سلمان رضي الله عنه، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم: "الله حيي كريم، يستحيي إذا رفع إليه العبد يده أن يرده صفراً، حتى يضع فيهما خيراً"، أخرجه أبو داود والترمذي.
فالاسم كريم، والوصف حيي، فيقال: يا كريم، لا: يا حيي.
وقوله: "يرده" و"يضع" مما نسب إليه، فيجوز اعتبار لفظهما فحسب، فلا يقال: يا راد، يا واضع، فقس على ذلك، لا على العقل. وقل: "لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".
قوله: (لما قال: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً) ... أتبعه قوله: (ومِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ)): ولخص القاضي هاهنا كلام الإمام، حيث قال: "ذكر الله تعالى (ومِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ)، بعد ما بين أنه خلق للنار طائفةً ضالين ملحدين عن الحق، للدلالة على أنه خلق أيضاً للجنة هادين بالحق، عادلين في الأمر. واستدل به على صحة الإجماع، لأن المراد منه أن

الصفحة 681