كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في كل قرنٍ طائفةً بهذه الصفة، إذ لو اختص بعهد الرسول صلي الله عليه وسلم أو غيره، لم يكن لذكره فائدة. فإنه معلوم".
وقلت: قد ظهر من كلام المصنف والإمامين، أن قوله تعالى: (وممن خلقنا) عطف على جملة قوله: (ولقد ذرأنا) [الأعراف: 179]. وقوله: (يهدون بالحق وبه يعدلون)، إذا أخذ بجملته وزبدته، كان كالمقابل لقوله: (لهم قلوبٌ لا يفقهون بها) إلى قوله: (هم الغافلون) [الأعراف: 179]، وكلتا الآيتين كالنشر لقوله: (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ المُهْتَدِي ومَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) وهو كالتذييل لحديث بلعام، الذي أوتي آيات الله، والأسماء العظام، فانسلخ منها، ومال إلى الأرض.
ولما كانت الآيات تابعةً لتلك المعاني صح أن يكون: (ولِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى) [الأعراف: 180] اعتراضاً. وأما تعلقه بقوله: (أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ) [الأعراف: 179] فإنه كالتنبيه على أن الموجب لدخول جهنم هو الغفلة عن ذكر الله، وعن أسمائه الحسنى.
وأرباب الذوق والمشاهدة يجدون ذلك من أرواحهم، لأن القلب، إذا غفل عن ذكر الله، وأقبل على الدنيا وشهواتها، وقع في نار الحرص، ولا يزال يترقى من ظلمةٍ إلى ظلمة، حتى ينتهي إلى دركات الحرمان. وبخلافه إذا انفتح على القلب باب ذكر الله تعالى.

الصفحة 682