كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول إذا قرأها: «هذه لكم، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) [الأعراف: 159] "، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إنّ من أمتي قوماً على الحق حتى ينزل عيسى عليه السلام» وعن الكلبي: هم الذين آمنوا من أهل الكتاب. وقيل: هم العلماء والدعاة إلى الدين.
[(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ* أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)].
الاستدراج: استفعالٌ من الدرجة؛ بمعنى: الاستصعاد أو الاستنزال درجة بعد درجة. قال الأعشى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هذه لكم، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها) يعني: قوله تعالى: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) حاصل لكم، ونازل في شأنكم، فهي مختصة بكم، وقد أعطي القوم الذين سبقكم، يعني: بني إسرائيل، مثل هذه الآية، وهي قوله تعالى: (ومِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) الآية [الأعراف: 159]، يريد: لا تحملوا هذه الآية على بني إسرائيل، فإن لهم آية أخرى، واردةً في شأنهم.
قوله: (إن من أمتي قوماً على الحق) الحديث من رواية البخاري ومسلم، عن معاوية قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا يزال من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك".

الصفحة 683