كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ)، وأن اتصال: (فبأي حديث) بقوله: (عسى أن يكون) اتصال المسبب بالسبب، لكن على تقدير معطوفات، فإنه قدر للفاء مدخولا آخر، وعطف (فبأي حديث) بالواو عليه.
المعنى: أو لم يتفكروا أن الشأن والحديث أن يكون قد اقترب أجلهم، فيسارعوا إلى التفكر في القرآن، والإيمان به. وماذا ينتظرون بعد وضوح الحق؟ وبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا.
والذي يدل على أن الكلام في القرآن، وأنه متعلق بالأول، الضمير في قوله تعالى: (بعده)، وأن أصل الكلام في الرسول صلي الله عليه وسلم ونفي الجنون عنه، بما يورده من الوحي، لأن وزان الآية وزان قوله تعالى: (وما صاحبكم بمجنون)، إلى قوله: (إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ) [التكوير: 22 - 27]، والآيات المشابهة لها.
وإنما خلط المصنف الكلام بعضه مع بعض، لأن قوله تعالى: (أَوَ لَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ومَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ) جاء مقرراً لقوله: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
المعنى: أو لم يتجردوا للتفكر في ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله من شيء، ليعلموا أن الله عز وجل لم يخلقهم سدى، وإنما خلقهم ليعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً، وليحصلوا ما به ينالون الزلفى عند الله، ويتخلصوا من عقاب السرمد. ولا يستتب ذلك إلا بإنزال كتاب، وإرسال رسول. فها هو قد أنزل إليكم هذا الكلام المجيد، وأرسل هذا الرسول الكريم، فيتفكروا في أحواله، ليعلموا أنه ليس بمجنون، ولينظروا في أحوال أنفسهم،

الصفحة 688