كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

لاستمرار الخفاء بها على غيره إلى وقت وقوعها، (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي: كل من أهلها من الملائكة والثقلين أهمه شأن الساعة، وبودّه أن يتجلى له علمها، وشق عليه خفاؤها، وثقل عليه، أو ثقلت فيها لأن أهلها يتوقعونها ويخافون شدائدها وأهوالها، أو لأن كل شيءٍ لا يطيقها ولا يقوم لها فهي ثقيلةٌ فيها، (إِلَّا بَغْتَةً): إلا فجأةً على غفلةٍ منكم.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الساعة تهيج بالناس، والرجل يصلح حوضه، والرجل يسقي ماشيته، والرجل يقوّم سلعته في سوقه، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((ثقلت في السماوات والأرض) أي: كل من أهلها): اعلم أن نسبة الثقل إلى السماوات والأرض - كما سبق - معنوي، فإما أن يقدر الأهل أو لا، والأول: الثقل: إما بحسب الاهتمام بشأن معرفتها، وأنها خفية لا تعلم، فيشق عليهم، أو بحسب الخوف من شدائدها، والتقدير: ثقل هم معرفتها، أو خوف إرسائها على أهل السماوات والأرض. و (في) هاهنا كما هي في قوله تعالى: (ولأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه: 71]، ولذلك قال: "شق عليه".
والثاني: معنى الثقل: هو أن نفس السماوات والأرض لا تطيقها، فإن السماوات تنشق عند نزولها، والأرض ترجف، والجبال تنهد.
قوله: (وبوده أن يتجلى له): يقال: بودي أن أفعل كذا، أي: أتمنى، والباء زائدة، مثلها في: "بحسبك أن تفعل كذا"، وهو مبتدأ وخبر. والجملة معطوفة على خبر "كل" وهو "أهمه".
قوله: (إن الساعة تهيج بالناس): روينا عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد

الصفحة 693