كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

واجتناب السوء والمضارّ، حتى لا يمسني شيء منها، ولم أكن غالباً مرة ومغلوباً أخرى في الحروب، ورابحاً وخاسراً في التجارات، ومصيباً مخطئاً في التدابير، (إِنْ أَنَا إِلَّا) عبدٌ أُرسلت نذيراً وبشيراً، وما من شأني أني أعلم الغيب، (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يجوز أن يتعلق بـ"النذير" و"البشير" جميعاً، لأن النذارة والبشارة إنما تنفعان فيهم، أو يتعلق بـ"البشير" وحده ويكون المتعلق بـ"النذير" محذوفاً، أي: إلا نذيرٌ للكافرين، وبشيرٌ لقومٍ يؤمنون.
[(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ* فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)].
(مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) وهي نفس آدم عليه السلام، (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) وهي حواء، خلقها من جسد آدم من ضلع من أضلاعه، أو من جنسها كقوله: (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) [النحل: 72]، (لِيَسْكُنَ إِلَيْها): ليطمئن إليها ويميل ولا ينفر؛ لأن الجنس إلى الجنس أميل وبه آنس، وإذا كانت بعضاً منه كان السكون والمحبة أبلغ، .........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولم أكن غالبًا مرةً، ومغلوبا أخرى في الحروب): قلت: ومن ثم سأل هرقل أبا سفيان، على ما روينا عن البخاري ومسلم: هل قاتلتموه؟ قال: قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالاً: يصيب منا، ونصيب منه. قال: كذلك الرسل، تبتلى، ثم تكون لها العاقبة.

الصفحة 697