كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

كإنشاء شيءٍ من شيء، أو تصيير شيءٍ شيئاً، أو نقله من مكانٍ إلى مكان، ومن ذلك: (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [الأعراف: 189]، (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)؛ لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة، والنور من النار، (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) [النبأ: 8]، (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) [ص: 5] .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كإنشاء شيءٍ من شيء، أو تصيير شيءٍ شيئاً، أو نقله من مكانٍ إلى مكان): لف، وما بعده: نشر، فقوله: {وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا {[الأعراف: 189]، {وجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّورَ {[الأنعام: 1] المثالان: نشر لقوله: "كإنشاء شيءٍ من شيء"؛ لأن حواء من ضلع آدم، كما أن الظلمات من تكاثف الأجرام.
قال الإمام: "إن النور والظلمة لما تعاقبا كأنما تولد أحدهما من الآخر".
وقوله: (وجعلناكم أزواجاً): مثال لتصيير شيءٍ شيئاً، وذلك أن كلاً من الزوجين يفتقر إلى الآخر في حالا الانفراد، وبعد انضمام أحدهما إلى الآخر يصيران زوجين.
وقوله: ({أَجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا {[ص: 5]): مثال للنقل، وذلك أن الكفار كانوا قد حكموا بالشرك والتعدد في الإلهية، فلما جاء الإسلام أبطل حكمهم بالتعدد، وألزمهم حكم التوحيد، كأنه نقل الحكم من التعدد إلى الوحدة.
فإن قلت: لم كرر المثال في القسم الأول، ولم يكتف بقوله: {وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا {[الأعراف: 189] كما في التوالي؟ قلت: ليوقفك على أن قوله: {وجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّور {[الأنعام: 1] من هذا القسم، وأنه المقصود في الإيراد.

الصفحة 7