كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

وقرأ يحيى بن يعمر: "فمرت به" بالتخفيف، وقرأ غيره، "فمارت به"؛ من المرية، كقوله: (أَفَتُمارُونَهُ) [النجم: 12]، و"أفتمرونه". ومعناه: فوقع في نفسها ظن الحمل، وارتابت به. (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ): حان وقت ثقل حملها، كقولك: أقربت. وقرئ: "أثقلت"، على البناء المفعول: أي: أثقلها الحمل، (دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما): دعا آدم وحواء ربهما ومالك أمرهما الذي هو الحقيق بأن يُدعى ويلتجأ إليه، فقالا: (لَئِنْ آتَيْتَنا): لئن وهبت لنا، ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن جني: "معنى "استمرت به": مرت مكلفةً نفسها ذلك، لأن "استفعل" إنما يأتي في أكثر الأمر للطلب".
قوله: (وقرأ غيره: "فمارت به"): قال ابن جني: "وهي قراءة عبد الله بن عمرو. وهو من: مار يمور: إذا ذهب وجاء. والمعنى واحد. ومنه سمي الطريق مورًا، للذهاب والمجيء عليه".
وقال: "أصل قراءة يحيي بن يعمر: (فمرت به) مثقلاً، كقراءة الجماعة، فحذف تخفيفًا لثقل التضعيف، ومنه قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) [الأحزاب: 33] إذا أخذ من القرار. ومنه: "ظلت"، و"مست"، في: ظللت، ومسست".
وهذا الذي ذكره ابن جني أوفق للمشهورة مما ذكره المصنف.
قوله: (ربهما ومالك أمرهما الذي هو الحقيق بأن يدعى ويلتجأ إليه): يريد أنهم إذا حزبهم أمر خطير دعوا الله. وأما تخصيص الرب بالدعاء فللاستعطاف، ولهذا قال: "ومالك أمرهما".

الصفحة 700