كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على ما أشار إليه محيي السنة بقوله: "ابتداء كلام، وأراد به إشراك أهل مكة". يعني إذا كان الأمر على ما ذكر، وهو مثل هذه التسمية التي لها محامل كثيرة في التبري عن الشرك، مأخوذاً على أبي البشر، ومسمى بالشرك، فما بال فعل هؤلاء المشركين، من تسمية الحجر والخشب بالآلهة، والعكوف على عبادتها، وتصريح اسم الشركاء عليها؟ (فتعالى الله عما يشركون).
ثم ابتدئ مبيناً موبخاً: (أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون) إلى آخر الآيات الواردة في الأصنام.
هذا، وإن هذه السورة الكريمة: من مفتتحها إلى مختتمها، مفرغة في قالبٍ واحد، على نمطٍ عجيب، وأسلوبٍ غريب، لأنه تعالى افتتحها بقوله: (الّمص * كِتَابٌ أُنزِلَ إلَيْكَ فَلا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) [الأعراف: 1 - 2] نهاه صلوات الله وسلامه عليه عن ضيق الصدر، والتحرج عما كان يلقى من المشركين من أنواع الأذى، لئلا يتوانى في التبليغ والإنذار، ثم قص عليه قصص الأنبياء الماضية، والقرون السالفة، وما كان مغبة تكذيبهم، وعاقبة صبر الأنبياء، تشجيعاً له، وتثبيتاً لقلبه: (وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ).
ثم ختم قصص الأنبياء بذكر موسى عليه السلام وأطنب في أحوال أمته، إلى أن انتهت إلى قصة بلعام وأحواله، وكانت قصته شبيهة بقصة اليهود الذين أدركوا زمن الرسول صلي الله عليه وسلم وآذوه، وأورد قوله: (سَاءَ مَثَلاً القَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف: 177] على ما سبق. فكر راجعاً إلى ما بدئت به السورة، من: تكذيب القوم، وإعراضهم

الصفحة 704