كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن آيات الله، وما كان يتحرج منه صدره صلوات الله عليه من قوله تعالى: (والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ)، وقوله: (يسألونك عن الساعة) أي: يسألونك أيان مرساها؟ مقترحين، فلا تبال بهم، وأجب عن سؤالهم وأنت منشرح الصدر: (إنما علمها عند ربي) إلى آخر نيفٍ وعشر آيات، على طريقة الأسلوب الحكيم.
وتحريره: أني ما بعثت لأن أكشف لكم عن أيان الساعة، لأنه من الأمور الإلهية، لا إطلاع لي عليه، (لا يجليها لوقتها إلا هو)، (إن أنا إلا نذير وبشير)، وإنما بعثت لأكشف لكم عن الاستعداد لها، والعمل بما ينفعكم، ومما هو أهم الأشياء، وأدعى إليه أن أكشف لكم عن قبح ما أنتم فيه من الشرك بالله، وأوقفكم (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]. ألا ترون إلى أبيكم حين سمى بعض بنيه بما يتوهم منه أنه أدنى الشرك، كيف نعى عليه، وسجل بقبحه؟ فكيف بما تفعلون أنتم؟ وهلم جراً إلى آخر الآيات.
ومن هذا الأسلوب ما رويناه عن البخاري ومسلم عن أنس: أن رجلاً سأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما أعددت لها؟ " فكأن الرجل استكان، ثم قال: ما أعددت لها كثير صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال: "أنت مع من أحببت"، وفي رواية: قال أنس: "ما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي عليه الصلاة والسلام: "أنت مع من أحببت". قال أنس: فأنا أحب النبي صلي الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم.

الصفحة 705