كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

ووجهٌ آخر، وهو أن يكون الخطاب لقريشٍ الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستكانة: الذل والخضوع.
وقلت - والعلم عند الله -: انظر إلى هذا العلاج الصائب لمرضى القلوب، فإن الطبيب الحاذق قد يحتاج في علاجه إلى تدبير دفع الأخلاط الرديئة، لإزالة المرض، وقد يحتاج إلى تدبير حفظ الصحة فقط.
والمشركون لما سألوا عن وقت الساعة، ولم يكن أهم شيءٍ إلا قلع الشرك، فقيل: (هو الذي خلقكم) إلى آخر الآيات، أدرج في الجواب الحكيم معرفة المسؤول عنه، وأنها مما استأثر الله تعالى بها. ولم يحتج في جواب الصحابي إلى هذا القدر، فلم يذكر. يعني: أنك بصدد أن يجب عليك ألا يخطر ببالك هذا، لأنك ممن يؤمن أن علم ذلك مختص بالله تعالى. وأما إزالة الشرك فإنك قد فرغت منها، بقي عليك ما يخلصك من أهوال يوم القيامة من العمل، "فما أعددت لها؟ " فأجاب هو أيضًا بالكلمة الحكيمة الجامعة: لكني أحب الله ورسوله.
فانظر إلى هذه الرموز التي تحير العقول!
قوله: (ووجه آخر، وهو أن يكون الخطاب لقريشٍ): روى محيي السنة عن ابن كيسان: "هم الكفار، سموا أولادهم: عبد العزى، وعبد اللات، وعبد مناة".
وقال صاحب "الانتصاف": "وأقرب من هذين التفسيرين أن يراد جنسا الذكر والأنثى، من غير قصدٍ إلى معينٍ معلوم. أي: خلقكم جنساً، وجعل أزواجكم منكم، لتسكنوا إليهن. فلما تغشى الجنس جنسه الآخر، جرى من هذين الجنسين كذا وكذا.

الصفحة 706