كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

[(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ* وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)].
أُجريت الأصنام مجرى أولي العلم في قوله: (وَهُمْ يُخْلَقُونَ)، بناءً على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة. والمعنى: أيشركون ما لا يقدر على خلق شيءٍ كما يخلق الله، وهم يخلقون؟ لأن الله عز وجل خالقهم، أو: لا يقدر على اختلاق شيء، لأنه جماد، وهم يُخلقون؛ لأن عبدتهم يختلقونهم، فهم أعجز من عبدتهم، (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ): لعبدتهم، (نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) فيدفعون عنها ما يعتريها من الحوادث، بل عبدتهم هم الذين يدفعون عنهم ويحامون عليهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: " (شركاً) مصدر: شركت الرجل أشركه شركاً، أي: جعلا له ذا شرك". قوله: (أو لا يقدر على اختلاق شيء)، الجوهري: "خلق الإفك، واختلقه، وتخلقه: إذا افتراه، يقال: هذه قصيدة مخلوقة، أي: منحولة إلى غير قائلها".
وإنما قدر: "لا يقدر على خلق شيء" لتطابق قرينتها: (ولا يستطيعون لهم نصراً)، وهذا أبلغ مما لو قيل: ما لا يخلق شيئاً ولا ينصرهم.
قوله: (ويحامون عليهم)، الجوهري: "حاميت على ضيفي: إذا احتفلت له".
قال الشاعر:
حاموا على أضيافهم فشووا لهم

الصفحة 712