كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ): وإما ينخسنك منه نخس، بأن يحملك بوسوسته على خلاف ما أمرت به، (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) ولا تطعه.
النزغ والنسغ: الغرز والنخس، كأنه ينخس الناس حين يغريهم على المعاصي. وجعل النزغ نازغاً، كما قيل جدّ جدّه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وروينا عن مسلم عن أبي موسى، قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض الأمور قال: "بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا".
ومع الثالثة بالمتاركة والإعراض. وإليه أومأ بقوله تعالى: (وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ) [الأعراف: 199]. وقال تعالى: (وقِيلِهِ يَا رَبِّ إنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ * فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الزخرف: 88 - 89].
وعلى هذا القسم ينطبق الكلام مع السابق، لأنه كلام في المعاندين من المشركين، فوضع موضع ضميرهم (الجاهلين) تسجيلاً عليهم بعدم الارعواء، وإقناطاً كلياً منهم، لأن جهلهم جهل مركب، ألا ترى كيف أعاد الضمير في قوله: (وإخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ * وإذَا لَمْ تَاتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا) [الأعراف: 202 - 203]. كل ذلك بيان للعناد والتمرد.
قوله: (كأنه ينخس الناس حين يغريهم). قال القاضي: "شبه وسوسته للناس، إغراءً لهم على المعاصي، وإزعاجاً، بغرز السائق ما يسوقه".
قال الزجاج: "النزغ: أدنى حركة من الآدمي، وأدني وسوسة من الشيطان".

الصفحة 720