وهو من الطبقة الأولى من الأنصار بني الخَزْرَج، وأمُّه أم عبد الله من بني غَطَفان (¬1).
وهو أخو عبد الله بن جُبَير أمير الرُّماة يوم أحد، وقد ذكرناه هناك. وكنية خَوَّات أبو صالح في قول الواقدي، وقيل: أبو عبد الله.
وذكر ابن سعد أن خَوَّات بن جُبَير خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، فلما كان بالرَّوْحاء أصابه حَجَرٌ فكُسِر، فردَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وضرب له بسَهْمِه وأجرِه، فكان كمن شهدها، وشهد خَوات أحدًا والخندق والمشاهد كلَّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: وكان رَبْعَةً من الرجال، يخضب بالحِنَّاء والكَتَم.
قال ابن سعد: وهو صاحبُ ذاتِ النِّحْيَين في الجاهلية، ثم أسلم وحَسُنَ إسلامُه (¬2).
وقد أشرنا إلى طرفٍ من حديث ذاتِ النِّخْبَين في صدر الكتاب في باب الأمثال، فنذكره هاهنا أتمّ من ذلك: حدثنا غيرُ واحد عن أبي الفضل بن ناصر بإسناده، عن عفيف بن سالم الموصليّ، عن عثمان بن واقد قال: قال خُوَّاتُ بن جُبَير: أنا كنتُ صاحبَ ذاتِ النِّحْيَين في الجاهلية - والنِّحْيُ: الزِّقُّ الصَّغير - قال: أتيتُ سوقَ عكاظ، فإذا أنا بجاريةٍ معها نِحْيان من سمن، وكأنها فَلْقَة قَمَر، فقلت لها: من أنت؟ قالت: سلمى بنت يَعار الخَثْعَمِيَّة، فقلت: لعل سمنك هذا مشوبًا؟ قالت: وهل تشوب الحُرَّة؟ فقلت لها: انزلي إلى بطن الوادي حتى أذوقَ سَمُنَك، فنزلت، فأخذتُ إحدى النِّحيَين فذُقْتُه، فقلت لها: ما هذا بمَشوب، ثم ناولتُها إياه في يدها مفتوحًا، ثم أخذتُ الآخر فذُقتُه وقلت: أمسكيه، ودفعتُه في يدها مفتوحًا، ثم شَددتُ عليها فقضيتُ منها حاجتي، وكرِهتْ أن تُرسله لأنه كان قُوتَ أهلها، فذهبت مثلًا: أشْغَلُ من ذاتِ النِّحْيَين (¬3).
ثم أسلمتُ وهاجرتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينما أنا في بعض طرق المدينة؛ إذا ببَغيِّ كانت لي خِلًّا في الجاهلية، فحَجُبني عنها إسلامي، ودَعَتُني نفسي إليها، فلم أزل
¬__________
(¬1) كذا، والذي في طبقات ابن سعد: وأمّه من بني عبد الله بن غطفان.
(¬2) طبقات ابن سعد 3/ 442 - 443.
(¬3) انظر الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة (667).