ذكر مقتله:
قال علماء السير: ما زال الناس خائفين على أمير المؤمنين منذ حكَّم الحَكَمين، وقتل الخوارج، وكان دائمًا يجري على لسانه أنه يُقتل، ويَستَبطيء القاتل فيقول: متى يُبعث أشقاها؟
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل بإسناده عن زيد بن وهَب قال: قدم على علي - عليه السلام - قومٌ من أهل البصرة من الخوارج، فيهم رجل يقال له: الجَعْد بن بَعجة، فقال له: اتق الله يا علي فإنك ميت، فقال علي: بل مَقتول ضَرْبَةٌ على هذه تخضب هذه، يعني لحيته من رأسه، عَهدٌ مَعهود، وقَضاءٌ مَقضيّ، وقد خاب من افترى، وعاتبه في لباسه فقال: ما لكم وللباسي، هو أبعدُ من الكِبر، وأجدر أن يَقتدي بي المسلمون (¬1).
وقال عبد الله بن أحمد بإسناده عن الحارث بن عبد الله (¬2) قال: قال علي - عليه السلام -: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا علي أتدري مَن أشقى الأوَّلين والآخِرين؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "أشقى الأولين عاقِرُ الناقة، وأشقى الآخِرين مَن يَخضِب هذه من هذه". يعني: لحيته من هامَتِه.
وقال ابن سعد بإسناده عن أبي الطُّفَيل قال: دعا علي الناس إلى البيعة، فجاء عبد الرحمن بن مُلْجَم المراديّ فردّه مرتين، ثم أتاه فقال: ما يَحْبِسُ أشقاها؟ ! لتُخْضَبَنّ -أو لتُضْبَغَنّ- هذه من هذه، ثم تمثّل بهذين البيتين:
اُشْدُدْ حيازيمَك للمَوتِ ... فإن الموت لاقيكَ
ولا تَجزعْ من الموت ... إذا حلَّ بواديكَ
وقال ابن سعد بإسناده عن أبي مِجْلَز قال: جاء رجل من مُراد إلى علي - عليه السلام - وهو يصلي في المسجد، فقال: احتَرِسْ، فإن ناسًا من مُراد يريدون قَتلَك، فقال: إن
¬__________
(¬1) فضائل الصحابة (908) و (909).
(¬2) كذا، والذي في فضائل الصحابة (953): عبد الله: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثني قتيبة بن قدامة، عن أبيه، عن الضحاك بن مزاحم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا علي ...