كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 6)

واختلفوا في شهوده بدرًا، فقال ابن سعد بإسناده عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: آخى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين الزبير بن العَوّام وبين كعب بن مالك، قال الزبير: فلقد رأيتُ كعبًا أصابته الجِراحة بأُحُد، فقلت: لو مات لَورِثْتُه، حتى نزلت هذه الآية {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]، فصارت المواريث بَعْدُ إلى الأرحام والقرابات، وانقطعت تلك المواريث في المُؤاخاة.
ثم قال ابن سعد: قال محمد بن عمر: وهذا عندنا ليس بثَبْتٍ، ولم يكن بعد بدر مُوارثة، وإنما جُرح كعب بن مالك بأُحُد بِضعةَ عشر جِراحة، وارتُثَّ، ولم يَشهد بدرًا (¬1).
وهو وَهْمٌ منه، ولا خِلاف أنه شهد العَقَبة مع السبعين من الأنصار.
وقال ابن أبي حاتم: كان من أهل الصُّفَّة (¬2).
وهو الذي أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوس بنَ الحَدَثان فناديا في أيام التَّشْريق: إنها أيامُ أَكْل وشُرْب.
قلت: وقد أخرج حديثهما مُسلم، وفيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهما أن يُناديا أن: "لا يدخل الجنةَ إلا مؤمن" (¬3).
وقال سفيان بن عُيينة: هو عَقَبي، وليس ببدريّ.
وقال ابن إسحاق: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين الزبير، ويقال: بينه وبين طلحة بن عبيد الله.
قال: وكعب أوَّل مَن بَشَّر المسلمين بحياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد، وأعطى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَأمَته يوم أُحد -وكانت صفراء- فلَبِسها وقاتلَ فيها.
قال كعب: عرفتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعينيه وهما يَزْهَران من تحت المِغْفَر، ولم يعرفه
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 4/ 394.
(¬2) الجرح والتعديل 7/ 160، ونقله المصنف عن ابن عساكر 59/ 403.
(¬3) صحيح مسلم (1142).

الصفحة 498