كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 6)

أَشَمُّ الأَنْفِ أَصْيَدُ عامِريٌّ ... طَويلُ الباعِ كالسَّيفِ الصَّقيلِ
فقال لبيد لابنته: أجيبيه، وكان لبيد قاصرًا في الجواب (¬1)، فقالت: [من الوافر]
إذا هَبَّتْ رِياحُ أبي عَقيلٍ ... دَعونا عند هَبَّتِها الوَليدا
أَشَمَّ الأَنْفِ أرْوَعَ عَبْشَمِيًّا ... أعانَ على مُروءتِهِ لَبيدا
بأمثالِ الهِضابِ كأنَّ رَكْبًا ... عليهما من بني حامٍ قُعودا
أبا وَهْبٍ جَزاكَ اللهُ خَيرًا ... نَحَرْناها وأَطَعْمنا الثَّرِيدا
فعُدْ إنّ الكَريمَ له مَعادٌ ... وظَنِّي يا ابنَ أَرْوى أن تَعودا
قال لها لَبيد: أحسنتِ؛ لولا أنّك استَطعَمتيه بقولك: أن تَعودا، فقالت: إن الملوك لا يُستحيا من مَسْألَتهم، فقال: يا بُنيّة، وأنت في هذا أشعر (¬2).
قلت: وهذا الوليد هو الذي أنزل الله فيه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ} الآية (¬3) [الحجرات: 6]، وجَلده علي - عليه السلام - في الخمر.
واختلفوا في وفاته، فقال ابن سعد بإسناده عن عبد الملك بن عُمير (¬4) قال: مات لَبيد بن رَبيعة ليلةَ نزل معاوية النُّخَيلَة لمُصالحة الحسن بن علي.
وفي رواية ابن سعد: ودُفن في صحراء بني [جعفر بن] كِلاب، وكان قد هاجر إلى الكوفة، ودُفن في هذا المكان.
وقيل: مات سنة إحدى وأربعين، والأوّل أصحّ.
واختلفوا في سِنِّه على أقوال؛ أحدها: أنه عاش عشرين ومئة سنة، والثاني: مئة وسبعًا وخمسين سنة، والثالث: ثلاثين ومئة سنة (¬5).
وحكى ابن سعد عن هشام، عن جعفر بن كِلاب، عن أشياخه قالوا: لما حُضِرَ لَبيد
¬__________
(¬1) في المصادر الآتية أنه قال لها: لقد عشتُ برهة وما أعيا بجواب شاعر.
(¬2) الشعر والشعراء 276 - 277، والأغاني 16/ 370 - 371، والاستيعاب (2233)، والمنتظم 5/ 179 - 180.
(¬3) انظر أسباب النزول للواحدي 412.
(¬4) في (خ): عبيد بن عمير، وفي (ع): عبد الله بن عمر، والمثبت من طبقات ابن سعد 6/ 193.
(¬5) انظر الاستيعاب (2233).

الصفحة 503