كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 6)

حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا" فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "انْقُضي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ"، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيم فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: "هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ"، قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.
(بعمرة) لا يُنافي ما سبق في (باب الحيض)، ويأتي في (التَّمتع) أنهم كانوا لا يرون إلا الحجّ: أنَّ ذلك عند الخروج قبل أن يُحرموا، ثم أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بالاعتمارِ رفعًا لمَا اعتقدوه من حُرمة العمرة في أشهر الحجِّ.
(هَدْي) بسكون الدال أو بكسرها مع تشديد الياء: ما يُهدَى للحرَم من النَّعَم.
(انقضى) بالقاف، ويجوز بالفاء إنْ صحتِ الروايةُ.
(ودعي العمرة)؛ أي: اتركي أعمالَها؛ لأنَّها إذا أَدخلَت الحجَّ عليها وصارت قارِنةً دَخَلَتْ أعمالُها في أعمال الحجِّ، هذا تأويلُ الشّافعي.
قال (خ): وهو مُشكِلٌ جدًّا؛ لأن: (انقُضي رأْسَكِ وامتَشِطي) لا يُشاكل هذا، ولو تُؤوِّل على أنَّه رخَّص لها في فسْخ العمرة كما أذِن

الصفحة 12