كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 6)

1597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابسِ بن رَبيعَةَ، عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبيَّ - رضي الله عنه - يُقَبلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
(يقبلك) فيه استحبابُ تَقْبيْلِهِ في الطّواف، وكذا وَضْع الجبهة عليه خلافًا لِمَالِك، وهو من مَفَاريدِ مذهبه.
(لا تضر ولا تنفع) ذَكَر ذلك لدفع توهُّم قريبِ عهدٍ بإسلام ما كان يُعتقد في حجارة أصنام الجاهلية من الضرر والنفع، والمراد بذاته لا ينفع وإن كان امتثالَ ما شُرِعَ فيه يُنْتَفَع في الثّواب، ولكن لا قدرةَ له على النفع ولا الضر، لأنه حجر كسائر الأحجار، وأشاع عُمَرُ هذا في الموسم ليُشهَر في البلدان، ويحفظه المتخلِّفون في الأقطار.
قال (خ): فيه تسليم الحُكْم، وترك طلب العِلل.
وحسنُ الاتباع فيما لم يُكشف لنا عنه من الشّريعة ضربان: ما كُشف عن علته، وما لم يكشف، والثّاني ليس فيه إلا التسليمُ، فالله يُفَضل ما يشاء كما فضَّل تلك البقعةَ على سائر البقاع، ويومَ عرفة على سائر الأيَّام، قال الرَّاجز:
ما أنتِ يا مَكَّةُ إلا وادِيْ ... شَرَّفَكِ الله علَى البِلادِ
* * *

الصفحة 65