كتاب روح البيان (اسم الجزء: 6)

وهو بالنصب على انه خبر كان واسمها قوله إِلَّا أَنْ قالُوا الا قول بعضهم لبعض اقْتُلُوهُ اصل القتل ازالة الروح عن الجسد كالموت لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت أَوْ حَرِّقُوهُ التحريق [نيك سوزانيدن] والفرق بين التحريق والإحراق وبين الحرق ان الاول إيقاع ذات لهب فى الشيء ومنه استعير أحرقني بلومه إذا بالغ فى اذيته بلوم والثاني إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهيب كحرق الثوب بالدق كما فى المفردات وفيه تسفيه لهم حيث أجابوا من احتج عليهم بان يقتل او يحرق وهكذا ديدن كل محجوج مغلوب فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ الفاء فصيحة اى فالقوه فى النار فانجاه الله من أذاها بان جعلها عليه بردا وسلاما روى انه لم ينتفع يومئذ بالنار فى موضع أصلا وذلك لذهاب حرها إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى انجائه منها لَآياتٍ بينة عجيبة هى حفظه تعالى إياه من حرها وإخمادها مع عظمها فى زمان يسير يعنى عقيب احتراق الحبل الذي أوثقوه به لانه ما أحرقت منه النار الا وثاقه وانشئ روض فى مكانها يعنى كل وريحان لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لانهم المنتفعون بالتفحص عنها والتأمل فيها واما الكافرون فمحرومون من الفوز بمغانم آثارها وفيه اشارة الى دعوة ابراهيم الروح نمرود النفس وصفاتها الى الله تعالى ونهيهم عن عبادة الهوى والدنيا وما سوى الله والى اجابتهم إياه من لؤم طبعهم وغاية سفههم لقولهم اقتلوه بسيف الكفر والشرك او اوقدوا عليه نار الشهوات والأخلاق الذميمة وحرقوه بها فخلص الله جوهر الروحية من حرقة النار الشهوات والأخلاق الذميمة ومتعه بالخصائص المودعة فيها مما لم يكن فى جبلة الروح مركوزا وكان به محتاجا فى سيره الى الله ولهذه الاستفادة بعث الى أسفل سافلين القالب وَقالَ ابراهيم مخاطبا لقومه إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً اى اتخذتموها آلهة لا لحجة قامت بذلك بل مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ اى لتتوادوا بينكم وتتلاطفوا لاجتماعكم على عبادتها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يعنى مدة بقائكم فى الدنيا: وبالفارسية [ميخاهيد تا شما را در عبادت آن بتان اجتماعي باشد ودوستى با يكديكر تا يكديكر را اتباع ميكنيد وبر آن اتباع دوست يكديكر ميشويد همچنانكه مؤمنان در عبادت الله با يكديكر مهر دارند ودوستى وتا در دنيا باشيد آن دوستى باقيست] ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ بعد الخروج من الدنيا تنقلب الأمور ويتبدل التواد تباغضا والتلاطف تلاعنا حيث يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ وهم العبدة بِبَعْضٍ وهم الأوثان وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اى يلعن ويشتم كل فريق منكم ومن الأوثان حيث ينطقها الله الفريق الآخر واللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وهو من الإنسان دعاء على غيره وفى التأويلات النجمية تكفر النفس بشهوات الدنيا إذا شاهدت وبال استعمالها وخسران حرمانها من شهوات الجنة وتلعن على الدنيا لانها كانت سببا لشقاوتها وتلعن الدنيا عليها كما قال عليه السلام (ان أحدكم إذا لعن الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لله) وَمَأْواكُمُ جميعا العابدون والمعبودون والتابعون والمتبعون النَّارُ اى هى منزلكم الذي تأوون اليه ولا ترجعون منه ابدا وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ يخلصونكم منها كما خلصنى ربى من النار التي القيتمونى

الصفحة 462