كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 6)

أقيسُ. والابتياع الاشتراء، وتبايعا وبايعته. ويقال: [استبعته] (أ). أي: سألته البيع. و: أبعت الشيء. عرضته للبيع، وبيع الشيء بكسر الباء وضمها، وبُوع لغة. وكذا القول في قيل وكيل (¬1).
وأجمع المسلمون على جواز البيع، والحكمة تقتضيه (¬2)؛ وذلك أن الله تعالى حكم ببقاء العالم إلى يوم القيامة، وبقاء النَّفس إلى أجلها إنَّما يقوم بما تقوم به مصالح المعيشة، وإنَّما يُتمكن من ذلك بالمال، فشرَع الله تعالى سبب اكتسابه، وهو التجارة عن تراضٍ. ولذلك إن جماعة من المصنفين ذكروا البيع بعد العبادات، كما فعل المصنف، وأخَّرُوا النكاحَ؛ لأنَّ احتياج النَّاس إلى البيع أَعَمُّ من احتياجهم إلى النكاح، لأنَّه يَعُم الصغيرَ والكبيرَ والذكرَ والأنثى، والبقاءُ بالبيع أقوى من البقاء بالنكاح؛ لأنَّ به تقوم المعيشة التي هي قوام الأجسام (¬3).
وبعض المصنفين قدَّم النكاح على البيع، كصاحب "الهداية" من الحنفية، وكتب الهدوية كـ: "اللمع" و "التذكرة" و "الأزهار" وغيرها؛
¬__________
(أ) في النسخ: استبيحته. والمثبت من الصحاح وغريب ألفاظ التنبيه ص 175.
__________
(¬1) ينظر غريب ألفاظ التنبيه ص 175.
(¬2) المغني 6/ 7.
(¬3) مسألة تأخير النكاح عن البيوع أو العكس تختلف باختلاف النظر إليهما؛ فليس أحد يعجز في إبداء وجه تقديم معنى على معنى، فإن كل معنى له خصوصية ليست في الآخر، فالمقدم يعتبر ما لما قدمه، ويسكت عما لما أخره، والعاكس يعكس ذلك النظر، وإنَّما إبداء وجه أولوية تقديم هذا على ذلك هو التحقيق، وهو يستدعي النظر بين الخصوصيتين أيهما يقتضي أو أكثر اقتضاء للتقديم. شرح فتح القدير 3/ 185.

الصفحة 6