كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 6)

قالا: ثنا بندار بن يسار، ثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا داود بن أبى هند، ثنا أبو نصرة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي دَارِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ: فَقَامَ خَطِيبُ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أتعلمون أنا أَنْصَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ أَنْصَارُ خَلِيفَتِهِ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَهُ، قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: صَدَقَ قَائِلُكُمْ ولو قلتم غير هذا لم نبايعكم فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايِعُوهُ، فبايعه عمر، وبايعه المهاجرون والأنصار، وقال:
فَصَعِدَ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ القوم فلم ير الزبير، قال: فدعا الزبير فَجَاءَ قَالَ: قُلْتُ: ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَامَ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عليا، فدعا بعلي بن أبى طالب قال: قُلْتُ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ عَلَى ابْنَتِهِ، أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَبَايَعَهُ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: جَاءَنِي مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَتَبْتُهُ لَهُ فِي رُقْعَةٍ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ يُسَاوِي بَدَنَةً، فَقُلْتُ: يَسْوَى بَدَنَةً، بَلْ هَذَا يَسْوَى بَدْرَةً وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ الثِّقَةِ عَنْ وُهَيْبٍ مُخْتَصَرًا، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٍ مُطَوَّلًا كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْمَحَامِلِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ علي بن عاصم عن الحريري عن أبي نصرة عن أبى سعيد فذكره مِثْلَهُ فِي مُبَايَعَةِ عَلَيٍّ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَئِذٍ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ عَنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مع عمرو أن مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَسَرَ سَيْفَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ وَاعْتَذَرَ إِلَى النَّاسِ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْإِمَارَةِ يَوْمًا وَلَا لَيْلَةً، وَلَا سَأَلْتُهَا اللَّهَ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ، فَقَبِلَ الْمُهَاجِرُونَ مَقَالَتَهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ والزبير ما إِلَّا لِأَنَّنَا أُخِّرْنَا عَنِ الْمَشُورَةِ، وَإِنَّا نَرَى أَبَا بَكْرٍ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا، إِنَّهُ لَصَاحِبُ الْغَارِ، وَإِنَّا لَنَعَرِفُ شَرَفَهُ وَخَيْرَهُ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ، وَهَذَا اللَّائِقُ بعلي رضى الله عنه والّذي يدل عَلَيْهِ الْآثَارُ مِنْ شُهُودِهِ مَعَهُ الصَّلَوَاتِ، وَخُرُوجِهِ مَعَهُ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا سَنُورِدُهُ، وَبَذْلِهِ لَهُ النَّصِيحَةَ وَالْمَشُورَةَ، بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ مُبَايَعَتِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ مَوْتِ فاطمة، وقد ماتت بعد أبيها عليه السلام بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ أَزَالَتْ مَا كَانَ قَدْ وَقَعَ مِنْ وَحْشَةٍ بِسَبَبِ الْكَلَامِ فِي الْمِيرَاثِ وَمَنْعِهِ إِيَّاهُمْ ذَلِكَ بِالنَّصِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: لَا نُورَثُ مَا تَرَكَنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيرَادُ أَسَانِيدِهِ وَأَلْفَاظِهِ وللَّه الْحَمْدُ وَقَدْ كَتَبْنَا هَذِهِ الطُّرُقَ مُسْتَقْصَاةً فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَفْرَدْنَاهُ فِي سِيرَةِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا أَسْنَدَهُ مِنَ الْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ مُبَوَّبَةً عَلَى أَبْوَابِ الْعِلْمِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ

الصفحة 302