كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 6)

اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَقُتِلَ مَعَهُ أَيْضًا ابْنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَوَهْبٌ، وَابْنُ ابْنِهِ حَكِيمُ بْنُ وَهْبِ بْنِ حَزْنٍ.
وَمِمَّنِ اسْتُشْهِدَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَاذَوَيْهِ الْفَارِسِيُّ أَحَدُ أُمَرَاءِ الْيَمَنِ الَّذِينَ قَتَلُوا الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ، قَتَلَهُ غِيلَةً قَيْسُ بْنُ مَكْشُوحٍ حِينَ ارْتَدَّ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ قَيْسٌ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمَّا عَنَّفَهُ الصِّدِّيقُ عَلَى قَتْلِهِ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَبِلَ عَلَانِيَتَهُ وَإِسْلَامَهُ.
وَمِنْهُمْ زَيْدُ بن الخطاب
ابن نُفَيْلٍ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَخُو عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِأَبِيهِ، وَكَانَ زَيْدٌ أَكْبَرُ مِنْ عُمَرَ، أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَشَهِدَ بَدْرًا، وَمَا بَعْدَهَا وَقَدْ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْنِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ وَقَدْ قُتِلَا جَمِيعًا بِالْيَمَامَةِ، وَقَدْ كَانَتْ رَايَةُ الْمُهَاجِرِينَ يَوْمَئِذٍ بِيَدِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَقَدَّمُ بِهَا حَتَّى قُتِلَ فَسَقَطَتْ، فَأَخَذَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَقَدْ قَتَلَ زَيْدٌ يَوْمَئِذٍ الرَّجَّالَ بْنَ عُنْفُوَةَ، وَاسْمُهُ نَهَارٌ، وَكَانَ الرَّجَّالُ هَذَا قَدْ أَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَرَجَعَ فَصَدَّقَ مُسَيْلِمَةَ وَشَهِدَ لَهُ بِالرِّسَالَةِ، فَحَصَلَ بِهِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، فَكَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَى يَدِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ زَيْدٍ. ثُمَّ قَتَلَ زَيْدًا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَرْيَمَ الْحَنَفِيُّ، وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ زَيْدًا بِيَدِي وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدِهِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا قَتَلَهُ سَلَمَةُ بْنُ صُبَيْحٍ ابْنُ عَمِّ أَبِي مَرْيَمَ هَذَا، وَرَجَّحَهُ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ: لِأَنَّ عُمَرَ اسْتَقْضَى أَبَا مَرْيَمَ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ لَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ: سَبَقَنِي إِلَى الْحُسْنَيَيْنِ أَسْلَمَ قَبْلِي، وَاسْتُشْهِدَ قَبْلِي، وَقَالَ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ حِينَ جَعَلَ يَرْثِي أَخَاهُ مَالِكًا بِتِلْكَ الْأَبْيَاتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا: لَوْ كُنْتُ أُحْسِنُ الشِّعْرَ لَقُلْتُ كَمَا قُلْتَ، فَقَالَ لَهُ مُتَمِّمٌ: لَوْ أَنَّ أَخِي ذَهَبَ عَلَى مَا ذَهَبَ عَلَيْهِ أَخُوكَ مَا حَزِنْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا عَزَّانِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا عَزَّيْتَنِي بِهِ، وَمَعَ هَذَا كَانَ عُمَرُ يَقُولُ مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلَّا ذَكَّرَتْنِي زَيْدَ بْنَ الخطاب، رضى الله عنه.
ومنهم سالم بن عبيد
ويقال: ابن يعمل مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وإنما كان معتقا لزوجته ثبيتة بنت يعاد وقد تبناه أبو حنيفة وَزَوَّجَهُ بِابْنَةِ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ عتبة، فلما أنزل الله ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5 جاءت امرأة أبى حذيفة سهلة بنت سهل بْنِ عَمْرٍو فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ سالما يدخل على وأنا غفل، فَأَمَرَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ فَأَرْضَعَتْهُ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ، أَسَلَمَ قَدِيمًا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُصَلِّي بِمَنْ بِهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِكَثْرَةِ حَفِظِهِ الْقُرْآنَ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا وَهُوَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
استقرءوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ لَوْ كَانَ سَالِمٌ حَيًّا لَمَا جَعَلْتُهَا شُورَى، قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِ فيمن

الصفحة 336